مواضيع في البيئة

إستراتيجية التوعية البيئية والسياسة الإعلامية الوطنية
د. عبد الملك بن عبد الله زيد الخيال
من أهداف النظام العام للبيئة في المملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م - 34 في 28-7-1422هـ المبني على قرار مجلس الوزراء رقم:
(193) وتاريخ: 7-7-1422هـ رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة، وترسيخ الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية للمحافظة عليها وتحسينها..

... وتشجيع الجهود الوطنية التطوعية في هذا المجال. وأن تقوم الجهة المختصة بنشر الوعي البيئي على جميع المستويات. كما أن على الجهات المسؤولة عن التعليم تضمين المفاهيم البيئية في مناهج مراحل التعليم المختلفة. بجانب أن على الجهات المسؤولة عن الإعلام تعزيز برامج التوعية البيئية في مختلف وسائل الإعلام وتدعيم مفهوم حماية البيئة من منظور إسلامي. بجانب أنه على الجهات المسؤولة عن الشؤون الإسلامية تعزيز دور المساجد في حث المجتمع على المحافظة على البيئة وحمايتها.

ولا يختلف اثنان على أن رسالة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة العربية السعودية هي حماية البيئة من التلوث لكل ما يحيط بالإنسان في بلادنا من ماء وهواء ويابسة وفضاء خارجي وما تحتويه هذه الأوساط من جماد ونبات وحيوان وأشكال مختلفة من طاقة ونظم وعمليات طبيعية وأنشطة بشرية والحفاظ عليها ومنع تدهورها والحد من ذلك.

بجانب مراقبة الظواهر الجوية لسلامة الأرواح وحماية الممتلكات. كما أن رؤيتها حماية البيئة والحد من تأثيرات الظواهر الجوية التزام ومطلب تشريعي واجتماعي واقتصادي وأخلاقي وهي جزء لا يتجزأ من التنمية والتخطيط السليم.

ما سبق كلام جميل، موجود في النظام العام للبيئة الموجودة على الرفوف، لكني أتساءل مع غيري، هل لدينا إستراتيجية للتوعية البيئية؟ وهل يمكن إدراك التوعية البيئية في السياسة الإعلامية العامة للبلاد؟ وهل...؟ وهل...؟ هل..؟؟؟؟

الجميع يعلم أن وسائل الإعلام يمكن أن تسهم بدور رئيس في إستراتيجية التوعية، حيث تعتبر التوعية البيئية أداة هامة نظراً لحساسية الرأي العام للقضايا والمشكلات البيئية. وكما تعلمون أنه في هذا الصدد تولي الدولة ممثلة بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة هذه القضية أولوية قصوى إدراكاً لمغزى الدور الذي يمكن أن يلعبه الوعي العام في تشجيع التطبيقات البيئية السليمة.

ولتشجيع التطبيقات البيئية السليمة الذي يتطلب وضع مبادئ الإدارة البيئية السليمة وحماية البيئة حيز التنفيذ هو وجود قاعدة قوية من الكفاءات داخل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ووزارة الإعلام وغيرهما من المنفذين للسياسة البيئية ومنها التوعية البيئية، ولتحقيق ذلك، يجب أن يتم تقديم دعم متواصل لأنشطة ومبادرات التدريب والتوعية البيئية.

ومن أجل التوعية البيئية نحتاج إلى تنظيم برامج متنوعة لنشر تلك التوعية في المجتمع السعودي وذلك من خلال مجموعة من الإرشادات الفنية لبعض القضايا البيئية، وعن طريق إصدار النشرات الموجهة للمجتمع مثل النشرات الخاصة برقابة رمي المهملات، والمعلومات الخاصة بحماية البيئة البحرية ونشرة المركبات والمواد الصناعية الملوثة للبيئة وغيرها.

كما أننا في حاجة إلى إدراج سياسة التوعية البيئية في إطار السياسة الإعلامية العامة للمملكة العربية السعودية، لتعميق الوعي العام بالمشكلات البيئية، وسبل التصدي لها عبر تكاتف مختلف الأوساط المعنية بالأمر. ولتنفيذ ذلك يجب أن يكون هناك شراكة مستمرة بين الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة من جهة ووسائل الإعلام من جهة أخرى. وذلك لتنفيذ برامج تستهدف الرأي العام مثل إذاعة العديد من البرامج البيئية تليفزيونياً، وأكثر منها برامج إذاعية بالإضافة لبث العديد من المسابقات البيئية. تلك البرامج يكون بعضها موجهاً للأطفال والشباب من الجنسين وموجه أيضاً لربات المنازل وأمهات المستقبل بسبب تحملهم الجزء الأكبر من تربية الأجيال الحالية والمستقبلية وغرس الوعي البيئي فيهم بجانب ما تقوم به المدرسة تجاه ذلك.

وبالإضافة إلى ذلك يجب أن تشارك الصحف والمجلات السعودية في حملات التوعية البيئية بالتعاون الوثيق مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة متضمنة صفحات بيئية منتظمة. وإعداد إصدارات ونشرات متنوعة عن كيفية المحافظة على بيئة بلادنا وتوزيعها من خلال المعارض والمناسبات البيئية المحلية والإقليمية وفي المدارس والمعاهد والجامعات.

وللعلم يجب سنوياً، تنظيم مناسبات بواسطة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تشترك فيها وسائل الإعلام متضمنة يوم الأوزون العالمي (16 سبتمبر) ويوم الأرض (22 ابريل) وأيام البيئة العالمية والعربية (5 يونيو، 14 أكتوبر).

وعلى الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وشركائها وزارات الإعلام والتربية والتعليم وكذلك التعليم العالي والصحة والشؤون البلدية والقروية والزراعة والدفاع والداخلية والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها والهيئة العليا للسياحة وغيرهم من الهيئات الحكومية والقطاع الخاص، العمل على وضع إستراتيجية التوعية البيئية بحيث تشتمل على أهداف التوعية ومجالاتها والموضوعات التي تطرحها، والأولويات الأكثر إلحاحاً في هذا الصدد، توطئة لتضمينها السياسة الإعلامية العامة عبر نصوص ومواد صريحة، لتترجم لاحقاً على هيئة رسائل وموجهات تبثها وتنشرها وسائل الإعلام المختلفة على نحو يمكن من نشر الوعي البيئي في مختلف الأوساط والشرائح الاجتماعية، ويحد من مستويات التدهور البيئي المتفاقمة التي تعانيها البيئة في المملكة العربية السعودية بأوجهها المختلفة.

إن برامج التوعية تحتاج إلى عمل وتخطيط دائم، وعدم جعلها أعمال موسمية بل جعلها عمل مستمر، ولهذا نحتاج إلى تقوية الكفاية المهنية للعاملين وتحفيزهم في مجال التوعية البيئية، إننا لا نريد عاملين وموظفين فقط، بل نريد أن يكون العاملون من المحبين للبيئة ومن الغيورين على الوطن.

أنني أكرر أهمية دور الإعلام كوسيلة للتوعية البيئية، بإيصاله جميع قضايا ومشاكل البيئة إلى جميع فئات المجتمع من رجال ونساء أطفال وشيوخ بجانب إقناعه لصناع القرار؟؟ الذين يعول على تعاونهم وتجاوبهم في اتخاذ القرارات المهمة في الحفاظ على البيئة وتبني البرامج المؤدية إلى المحافظة. لسنا في حاجة لتوفير إحصاءات ومعلومات تقنية، فالتدهور البيئي في بلادنا مستمر وواضح للعيان، رغم الجهود المبذولة من الدولة حفظها الله، لماذا هو مستمر، بسبب الجهل بأمور البيئة، وتسامح السلطات، وغياب تنفيذ العقاب الصارم في من يعبث بيئة الوطن بجانب قلة الوعي وعدم التوعية المستمر من قبل الجهات المختصة بالتوعية، واللامبالاة من المواطن والسلطات المحلية، ونقص الإمكانات.

نعم نحن مستعدون لبذل البلايين من أجل العلاج، ولكننا نبخل بالألوف من أجل الوقاية (التوعية)، وتذكروا أن (الوقاية خير من العلاج)، والتوعية جزء من الوقاية، فالإعلام البيئي يا إخوان هو السلاح الفعال والأسرع لرفع مستوى الثقافة والوعي بالبيئة ومشكلاتها المختلفة المتزايدة في عصر يسوده تلويث عناصر البيئة المختلفة والاستهلاك واستنفاد الموارد الطبيعية، وتذكروا أن الحفاظ على البيئة مسؤولية الجميع، والأضرار التي تعم البيئة ستؤثر على الجميع. وعلى سبيل المثال انظروا كيف أثر الإعلام على الناس في أزمة إنفلونزا الخنازير. من منكم لا يعرف الكثير عنها الآن بفضل الله أولاً والإعلام ثانياً.

وللعلم فالمركز الإعلامي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة يسلط الضوء على أهم الأحداث في الرئاسة!!؟؟ من فعاليات ومؤتمرات وأخبار ومقالات وتحديثات تغطية كاملة بالإضافة إلى نشرة مجلة المرصد وهي نشرة شهرية خاصة بالرئاسة تصدر عن إدارة التوعية البيئية.

الإعلام البيئي له أهداف منها تقديم المعلومات البيئية من أجل توعية جميع المتابعين من المواطنين والوافدين من أجل حماية البيئة ومنع تدهور عناصرها وعلاقة ذلك بالنشط البشري، بجانب متابعة الأخبار ونقل وقائع المحاضرات والندوات والمؤتمرات، والتوعية بما ينشر من الكتب والنشرات وما يصدر من القوانين والإجراءات التي تخدم البيئة، ليس فقط على المستوى المحلي، وإنما كذلك على المستوى الإقليمي والعالمي لأن مشكلات البيئة لا تعرف الحدود السياسية التي تقسم البيئة العالمية إلى دويلات.

ومن الأهداف أيضاً للإعلام البيئي رفع مستوى الوعي البيئي لدى شرائح المجتمع المختلفة وترسيخ مفهوم أن (المواطنة الحقيقية) لأي مواطن هو الحفاظ على الوطن، والوطن هو البيئة التي نعيش فيها وعليها، بالإضافة إلى تشجيع المواطنين والهيئات العامة والخاصة على المشاركة الفاعلة في برامج البيئة وتحمل المسؤولية في هذا الجانب الذي يمس حياتنا الحاضرة وحياة أحفادنا وأحفادهم أي أجيال المستقبل القريب والبعيد.

وحتى ينجح الإعلام البيئي في جعل الحياة أفضل للإنسان في المملكة العربية السعودية علينا خدمة البيئة التي نعيش عليها، بإشراك شريحة كبيرة من المواطنين في إدارتها وحمايتها ووقف تدهورها، بجانب تحسين السلوك وتعزيز الاتجاهات والميول والقيم والعادات التي تؤدي إلى ذلك، بجانب الإرشاد إلى البدائل الآمنة والصديقة للإنسان وللبيئة. وتمثل الطفولة أحد المجموعات الرئيسية المستهدفة لأنشطة التوعية البيئية، وتشجيع المكتبات على اقتناء كنب وقصص تخدم البيئة تهدف إلى تشجيع التعليم والتوعية البيئية بين الأطفال.

كما أن على الإعلام البيئي إشراك الفئات المستهدفة في الحوار ومعالجة قضايا البيئة المختلفة وألا يكون دور الفئات المستهدفة هو دور المتلقي فقط، مستخدماً في ذلك مختلف قنوات الاتصال المقروءة والمرئية (القنوات التي تشاهدها أكبر شريحة من المجتمع، العامة منها والخاصة) والمسموعة ومن ندوات ومؤتمرات ومحاضرات وروس وخطب كما تجب الاستفادة من المؤسسات والجمعيات الفاعلة في المجتمع مثل المساجد والجامعات والمدارس والنوادي والجمعيات الخيرية والغرف التجارية وما شابهها.

وأخيراً أقول استمروا في رفع وعي المواطن بمختلف أعماره عن طريق الإعلام البيئي وتذكيره بحب البيئة التي يعيش فيها، أي وطنه حتى يصبح مواطناً صالحاً بحيث تتغير حياته إلى الأفضل. وإدراج برامج التوعية البيئية في إطار السياسة الإعلامية العامة يأتي منسجماً مع روح نظام الحكم وسياسة المملكة، الذي نص في إحدى مواده على أن حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع. ومن أجل توعية شعب هذه البلاد الطاهرة المستمر، لعيش حياة أفضل وغد مشرق ومستقبل زاهر إن شاء الله في وطن الأرض والجو والماء فيه خال من التلوث.

وقد لا نتصور حجم ما سنوفره في المستقبل من جهود وأموال تقدر بالبلايين، نتيجة الوعي البيئي عند الجميع.